يحتفي العالم في الثامن من مارس كل عام، باليوم العالمي للمرأة. تهدف حملة هذه السنة إلى تشجيع الحديث حول الفرق بين المساواة والإنصاف. الحديث عن الإنصاف جزء لا يتجزأ من تمكين المرأة؛ لأن السياسات الرامية إلى تمكين مجموعة واحدة قد لا تساعد الجميع، بسبب أوجه اللامساواة بين الماضي والحاضر. هذا يعني أنّه لا غنى عن تعزيز الإنصاف والتوعية بأهميته من أجل الوصول إلى مساواة حقيقية وشاملة.
يربط الكثير من الناس المساواة بالعدل، بافتراض خاطئ "أن للجميع المتطلّبات نفسها، وأن الحل الواحد يناسب الكل". يؤكد الإنصاف على اختلاف سبل الوصول والفرص، مع الاعتراف بأن كل فرد يبدأ بمزايا وعيوب فريدة، ويحتاج إلى وسائل وموارد مختلفة من أجل الحصول على تلك الفرص وتحقيق الوصول إليها.
إن التّنوّع بمفهومه الواسع يتمثل في فهم واحترام الاختلافات الفردية، كالمظهر الجسدي، المعتقدات والخلفية الاجتماعية والاقتصادية. من الضرورة الاعتراف بالتّنوّع من أجل بناء ثقافة شاملة قائمة على الإيمان بالاختلاف. احترام التّنوّع هو جزء أساسي لفهم الفرق بين الإنصاف والمساواة.
التّنوّع بمفهومه الواسع يتمثل
في فهم واحترام الاختلافات
الفردية.
هناك مثال يعبّر عن كيف أن تقديم الحل ذاته ليس حلا. عندنا ثلاثة أفراد، أحدهم طويل والآخر قصير، بينما الثالث على كرسي متحرك، وجميعهم يحاولون مشاهدة مباراة كرة قدم من خلف سور. منح نفس مُنح للجميع، من باب المساواة، بعيدًا عن متطلباتهم ليس مجديًا؛ فالشخص طويل القامة لا يحتاج إلى أي شيء، لأنه يمكنه فعلًا الرؤية من فوق السور، أما الشخص القصير بالكاد يتمكن من الرؤية، ولا يستطيع الشخص الجالس على الكرسي المتحرك الرؤية إطلاقا، حيث لا توجد لديه طريقة لاستخدام صندوق.
من باب الإنصاف في المثال الذي سبق، إعطاء كل شخص ما يتطلبه هو الحل الوحيد من أجل أن يتمكن الجميع من مشاهدة المباراة. الشخص المقعد على الكرسي المتحرك يمكنه مشاهدتها من خلال الوصول إلى القمة عبر المنحدر، والشخص القصير يُمنح صندوقين، بينما لا يحتاج الثالث لأي مساعدة.
نأخذ مثلا آخر: تخطط\يخطط مُدرّسة\مدرّس لنشاط لفصله\لفصلها. في الفصل طالبات وطلاب تجدن\يجيدون الرياضيات وأخريات\آخرون تجدن\يجيدون الكتابة. عوضا عن تحضير نشاط يركز فقط على الرياضيات أو الكتابة، من باب الإنصاف يجب نشاطًا يتضمن الرياضيات والكتابة.
يمكن تقسيم الطالبات والطلاب إلى مجموعات. كل مجموعة تكتب وصفة، بما في ذلك الكميات وتعليمات الطبخ. بعد ذلك، تطلب\يطلب المُدرّسة\المدرّس من الفصل مضاعفة الوصفة مرتين أو ثلاث مرات وحساب الكميات الجديدة للمكونات. أخيرًا، يمكن المُدرّسة\للمدرّس والطلاب والطالبات إعداد الوصفة معا في الفصل والاستمتاع بالنتائج! بهذه الطريقة، تكون\يكون المُدرّسة\المدرّس منصفةً\منصفًا من خلال توفير طريقة للمجموعتين للمساهمة والنجاح في النشاط.
يتطلب تحقيق الإنصاف العدالة،
الموارد والمسؤولية الاجتماعية.
يتطلب تحقيق الإنصاف العدالة، الموارد والمسؤولية الاجتماعية، من أجل لتغيير الهياكل وتوفير الفرص لمن تم إهماله\ها أو تهميشه\ها أو اضطهاده\ها مؤسسيًا. من الضروري العمل معا حتى يحصل تغيير حقيقي في حياة من تم تصويره\ها دائمًا على أنه\ها أقل من باقي المجتمع.
تواجه النساء في اليمن تحدياّت كبيرة تتعلق بعدم المساواة، على سبيل المثال محدودية الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية وفرص العمل والتمثيل السياسي.
المساواة تعني معاملة الجميع على نهج واحد، بعيدًا عن أي اعتبارات، لكن معاملة النساء مثل الرجال في اليمن لا تعالج الأسباب التي تمنعهن من الوصول إلى نفس الفرص والموارد. مثلا، تحد نسبة الأمية لدى النساء من قدرتهن على الوصول إلى العمل والتمثيل السياسي. وفي المجمل فإن تقديم الدعم نفسه لكل من الرجال والنساء لا يمكن أن يعالج القضايا الأساسية المسببة للفجوة بينهما.
تواجه المرأة في اليمن تحديات فريدة وتتطلب حلولًا مخصصة لمعالجة هذه القضايا، وهذا يعني ضرورة منحها الدعم الذي تحتاجه للتغلب على الحواجز التي تواجهها، بعدد من الإصلاحات مثل وضع سياسات وبرامج هادفة للتصدي للقوانين والممارسات التمييزية التي تمنع المرأة من المشاركة في المجالات السياسية والاجتماعية.
تواجه المرأة في اليمن
تحديات فريدة وتتطلب حلولًا
مخصصة لمعالجة هذه القضايا.
من الضروري التركيز على الاستراتيجيات قصيرة المدى وطويلة المدى التي تراعي تجارب واحتياجات المرأة، وهذا يتطلب نهجًا يعالج الأسباب الجذرية لعدم المساواة، كالقوانين والممارسات التمييزية بدلًا عن التدخلات الطارئة والمحدودة.
للفرق بين مفهومي المساواة والإنصاف أهمية حاسمة بالنسبة للنساء، تحديدًا النازحات داخليًا أو المهمّشات، أو من ذوات الإعاقة. هؤلاء يواجهن صعوبات إضافية للوصول إلى الاحتياجات الأساسية، كالغذاء، والماء، والمأوى، والتعليم والرعاية الصحية.
يؤدي الصراع المستمر إلى ارتفاع معدلات النزوح والفقر، وتقييد وصول النازحات إلى الخدمات الأساسية، مما يزيد من معاناة المرأة النازحة ويضاعف التحديات التي تواجهها.
لا يمكن افتراض أن جميع
النساء يحتجن إلى الشيء
نفسه من أجل تحقيق النجاح.
تتعرض النساء المهمشات، اللائي يشكلن جزءًا من المجتمع اليمني للتمييز والاستبعاد الاجتماعي، مما يحد من الوصول إلى فرص العمل والخدمات الأساسية، ولا يختلف الوضع عند النساء ذوات الإعاقة اللواتي يواجهن عقبات كبيرة للوصول إلى الاحتياجات والخدمات الأساسية، وعادة ما يتم استبعاد هؤلاء النساء من الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية، مما يجعل من الأصعب تحقيق الاستقلال والحصول على الحقوق الأساسية.
تحتاج هذه الفئات طرقًا مختلفة ومحددة لتحقيق المساواة مقارنة مع النساء اللواتي لا يواجهن النزوح أو التهميش أو الإعاقة، حيث لا يمكن افتراض أن جميع النساء يحتجن إلى الشيء نفسه من أجل تحقيق النجاح.
هناك حاجة إلى نهج أكثر إنصافًا، والاعتراف بالقيود الهيكلية والنظامية التي تواجهها هؤلاء النساء والعمل على إيقافها من خلال توفير الدعم المخصص والتدخلات التي تستجيب لمتطلّبات هذه الفئات.
يمكننا أن نأمل في تحقيق مساواة حقيقية وضمان حصول كل النساء في اليمن على الاحتياجات الأساسية والفرص اللازمة للتنمية من خلال تبني العدالة والاعتراف بالاختلافات بين النساء اللواتي توجد حياتهن وهوياتهن عند تقاطع العديد من أشكال عدم المساواة. بهذا يمكن تكوين مجتمع أكثر شمولاً وعدلاً في اليمن.