العمل، ضرورة أساسية في حياتنا، يتجاوز القيمة المادية البسيطة. إنه يشمل جوهر من نحن، مما يتيح لنا التعبير عن أنفسنا، وإظهار مواهبنا، والكشف عن إمكانياتنا الحقيقية. 

 يعتبر العمل ضرورة أساسية في حياة الإنسان، فهو النشاط الذي نقوم به لتحقيق الدخل وللوصول إلى الاستقلال المالي، بالإضافة إلى تلبية الاحتياجات الأساسية مثل الغذاء والمأوى والصحة. 

يتجاوز العمل الأبعاد المادية، ليصبح فرصة للفرد للتعبير عن نفسه وإظهار مهاراته وقدراته. داخل محيط العمل، تتنوع الأنشطة وتتعدد الأدوار التي يقوم بها الأفراد، فعند إكمال مهام محددة، يشعرون بالإنجاز والانتماء إلى المجتمع من خلال التفاعل مع زملائهم. 

يوفر العمل فرصًا متنوعة للاستفادة من قدرات الفرد وتطويرها، مما يساهم في تحسين جودة حياته. يبرز دور العمل الأساسي في حياة الإنسان، كما يتجسد في قصة فوزية سعيد. 

فوزية، ربة منزل في الخمسينات من عمرها، عاشت حياتها وهي تهتم بأولادها ورعايتهم. على مدى الخمسة وعشرين سنة الماضية، كانت فوزية تشعر بالنقص وتعاني من نوبات القلق والتوتر. حياتها تغيرت عندما نصحها طبيبها بأن تشغل نفسها بعمل. 

بدأت فوزية بتسويق البخور من داخل بيتها، حيث باعت منتجات البخور والعطور لمعارفها من النساء. بمرور الوقت زادت خبرتها فوسعت تجارتها وأصبحت تأخذ ملابس ومنتجات من أصحاب المحلات وتسوقها لمعارفها بعمولة.  

اختفت أعراض المعدة التي كانت تعاودها دائمًا، وقلت نوبات القلق. أصبحت فوزية مشغولة بشيء تعشقه. وفر لها البيع والشراء دخلًا محترمًا، وباتت الآن قادرة على مساعدة زوجها في تقاسم تكاليف المعيشة.  هكذا أصبح وقت فوزية مشغولًا بين العمل ورعاية أسرتها التي كبرت مسؤولياتها.  

"التعامل مع الناس أثناء البيع والشراء أخرجني من عزلتي،" حسب تعبيرها، وجعلها تكتسب خبرة في التعامل مع العملاء وجذب الزبائن وتطوير مهاراتها التسويقية. "أصبحت أكثر سعادة عن ذي قبل ."

"التعامل مع الناس أثناء البيع
 والشراء أخرجني من عزلتي."

من ناحية أخرى، نستعرض قصة فادية عبد الرحيم، 45 عامًا، التي تعمل كمعلمة في إحدى المدارس الحكومية للمرحلة الأساسية. فادية لم تكن خريجة كليات التربية والتعليم ولم يكن في بالها يومًا أن تصبح معلمة، فهي خريجة كلية الهندسة قسم برمجة الحاسوب، الذي كان شغفها منذ تخرجت من الثانوية. 

بكلامها، تقول فادية: "عندما تخرجت من الجامعة، تزوجت للتو، ولم تكن البيئة المجتمعية التي عاشت فيها بعد زواجي تتقبل عمل المرأة سوى في سلك التعليم ." 

رغم الفرص التي ظهرت لها للعمل في شركات تتعلق بتخصصها، فادية تقول بنبرة حزينة: "للأسف، لم تكن لدي الشجاعة للدفاع عن شغفي في الحياة.." 

اليوم وبعد 18 عامًا في مجال التدريس، تصرح فادية بأنها نادمة بشدة على تركها مجال تخصصها. "صحيح، استطعت أن أؤمن لقمة العيش الكريمة لأسرتي بمؤازرة زوجي، لكن هذا ليس كل شيء ." 

فادية تعبّر عن مدى التحدي الذي تواجهه في مهنتها الحالية، قائلة: "لم أعد أطيق التدريس. أشعر بأنني ظلمت نفسي كثيرا عندما تخليت عن وظيفة حياتي. حتى صحتي تدهورت وأصبت بارتفاع ضغط مزمن.."  

خلصت فادية إلى التالي: "أفكر كثيرا في الاستقالة عن العمل كمعلمة.."  

يصبح العمل جزءًا أساسيًا من
حياتنا ويشكل متنفساً للتعبير
عن ذاتنا. 

العمل ليس مجرد مكان نذهب إليه لكسب رزقنا فقط، بل هو مجال تتيح لنا الفرصة للتعبير عن أنفسنا والمشاركة في بناء وتطوير المجتمع. من خلال اختيارنا لوظيفة تتوافق مع شغفنا ومهاراتنا، نجد في العمل مساحة حيث يمكننا التعبير عن طموحاتنا والقيام بما نحبه ونستمتع به.  

هذا لا يعني العمل بمعزل عن الآخرين، بل نستفيد فيه من تفاعلنا مع زملائنا في العمل، حيث نتبادل معهم الأفكار والخبرات، وهذا بدوره يسهم في تعزيز مشاركتنا في المجتمع. كما أن العمل يوفر لنا فرصة لتطوير مهاراتنا من خلال التدريب والتعلم المستمر، ما يمكننا من تحسين مهاراتنا وإضافة قيمة جديدة للمجتمع.  

بهذا يصبح العمل جزءًا أساسيًا من حياتنا، يساهم في تحسين مستوى معيشتنا ورفاهيتنا، ويشكل متنفساً للتعبير عن ذاتنا والمشاركة في تطوير المجتمع. 

الصورة: © منصة أصوات نساء يمنيات بواسطة مدجورني