"كنت أتأخر كثيرًا من أجل الوصول إلى المنزل، وكانت أسرتي تعيش تحت القلق حتى أصل، يضاف لذلك أنني أسكن في منطقة ليست ببعيدة عن المواجهات العسكرية التي تحدث من وقت إلى آخر غربي مدينة تعز"، هذا هو الدافع الأكبر وراء شراء أشواق عبدالجليل سيارة أجبرتها على تعلم القيادة، والبدء في رحلة تصفها بالشاقة والممتعة في آن واحد، وتضيف أشواق في سرد حيثيات التحول الحاصل في حياتها: "لم تكن رفاهية، بل حاجة ماسة، كنت أجد صعوبة في الحصول على وسيلة مواصلات عامة عندما أتأخر في قضاء بعض الأعمال المسائية".
تخوض أشواق في هذا المضمار الحياتي منذ ستة أشهر عندما اشترت سيارتها واستعانت بصديقاتها اللواتي لم يدخرن جهدًا في مساعدتها وتعليمها لتتمكن من القيادة في فترة قياسية، وأشواق إلى جانب كونها وكيلة في مدرسة حكومية، تعمل كناشطة اجتماعية، تركز جهودها على جعل الحياة طبيعية نوعا ما و مساعدة المحتاجين من نازحين ومعلمين وطلاب، وهنا تجد نفسها، كما تقول.
ما
لم يكن في حسبانها عند شراء السيارة والبدء بالقيادة أنها ستتحول في نظر البعض
متمردة، وستسمع المزيد من عبارات التهكم والاستنقاص ممن لا يحلو لهم ما تقدمه
لمجتمعها، وهي التي تعد قدوة نسائية إيجابية بالنظر إلى ما قدمته وتقدمه منذ
اندلاع الحرب بمدينة تعز، جنوبي غرب البلاد، في مارس 2015.
"كان عندي مخاوف إنه إذا تعطلت السيارة أو الإطار كيف سأحل المشكلة في الشارع ونظرات الرجال تلاحقني، لكن كانت سهلة أكثر مما توقعت، ووجدت أن الرجال متعاونين في هذا الجانب"، بلغة الإنصاف تحكي أشواق عن أبرز مخاوفها الذي بدده رجال متعاونون، لكنها لا تتوقف عند ذلك، فالكثير من السلبيات تواجهها أثناء قيادتها للسيارة، تعبر عنه بالقول: "نلاقي إحباطات، وكلمات سيئة، من قبيل: كيف "حُرمة" تسوق؟ إضافة إلى إن أي عرقلة في السير يكون سببها إنه المرأة ما تعرف تسوق حتى لو كان الرجل هو المخطئ".
في نظر أشواق أن كثير من الرجال لا يلتزمون بقواعد السير، سرعة، مسابقة، تهور، وقيادة بدون إشارات تنبيه أو إضاءة أو نظر إلى المرآة.
ليس ببعيد، ترى سهير عبدالجبار، صحفية مختصة في قضايا الجندر أن المرأة التي تملك سيارة تستغل من قبل المهندسين، ويتم زيادة تعرفة تقديم أي خدمة لها مقارنة بالرجل، وهذا تعامل غير مقبول بالنسبة لها، وبنبرة ترحيبية تتحدث سهير عن أن الكثير من الأسر باتت ترحب بقيادة فتياتها للسيارة لعدة أسباب على رأسها الشعور بالاستقلالية والأمان، بعيدًا عن أي اعتبارات أخرى.
أما أشواق فتقيّم نفسها أنها تغلبت على تنمر الرجال، ونظرتهم القاصرة تجاهها، لكنها تعاني من سائقي الدراجات النارية ومضايقتهم ومخالفاتهم التي لا يؤاخذون بها.
"أتغلب على كل شيء بأخذ نفسٍ عميق، وأقول لنفسي: معركة ويجب أن أخوضها"، هكذا تختم أشواق حديثها، بجملة مغلفة بنصيحة تعني الكثير للنساء اللواتي يواجهن ضغوطًا عدة عند قيادة السيارة، وإشارة منها لحجم التحديات التي شبهتها بالمعركة التي لا مفر منها.