النازحات وأجندة المرأة والأمن والسلام
د. أنجيلا المعمري

أدى الصراع الدائر في اليمن منذ مارس 2015 إلى نزوح أكثر من 3.6 مليون شخص.(1) وكشفت منظمة الهجرة الدولية عن نزوح أربعمائة ألف يمني، منذ مطلع 2019 بسبب الحرب. وأوضحت في تقرير حديث لها أن الصراع أدى إلى نزوح أكثر من ثلاثة ملايين شخص، منذ 2015.  ويُعرف الأشخاص النازحين داخلياً بأنهم: "أولئك الذين أُجبِروا على الفرار أو مغادرة منازلهم أو أماكن إقامتهم المعتادة، ولاسيما نتيجةً لتجنب آثار النزاع المسلح وحالات العنف الشائع ولم يعبروا حدود دولة معترف بها دولياً".(2)  هذا وقد يتعرض هؤلاء الأشخاص أثناء النزوح للعنف اللفظي والنفسي من المجتمع المُضيف بسبب التوتر المتعلق بالحصول على الخدمات الأساسية كالماء والحطب أو الانتهاكات البشرية. ويعيش بعض النازحين في مخيمات تفتقر لأبسط المقومات الضرورية، هذا ويُقدر أن 76% من النازحين هم من الأطفال والنساء. (3) 

وتواجهه النساء العديد من الصعوبات أثناء النزوح، بالإضافة إلى النزوح وانهيار آليات الحماية، وارتفاع نسبة الفقر، وفقدان مصدر الإنفاق كل ذلك أدى زيادة تعرض النساء والفتيات للعنف. كما أن الأُسر التي تُعيلها نساء، والتي يُقدر أنها تُشكل ما بين 10 إلى 30% من أُسر النازحين داخلياً، تُكافح من أجل إعالة أسرهم في بيئة صعبة تفتقد لمقومات الحياة والخدمات الأساسية للبقاء على قيد الحياة مثل الماء والكهرباء، وعدم وجود أوراق رسمية "كشهائد الميلاد، عقود الزواج" مما يجعل من الصعب على النساء والأطفال التسجيل للحصول على المساعدات الإنسانية المتنوعة. كما يضطر بعض الأهالي لتزويج بناتهن الصغيرات كآليات حماية لهن من التحرش والعوز. وتصاعدت معدلات زواج الأطفال، حيث ارتفعت من 52 % من الفتيات اليمنيات المتزوجات دون سن 18 عامًا في عام 2016 وإلى ما يقرب من 66 % في عام 2017. (4)

  هذا وتُشير الأبحاث التي أجرتها إنترسوس "Intersos"  إلى أن "قبل الصراع انخفضت عادة الزواج المبكر، ولكن الصراع كان سبباً في عكس هذا الاتجاه نتيجة للفقر وانعدام الأمن الاجتماعي. وشعرت الأُسر النازحة بأنها أكثر عُرضة لهذه العادة، وكان من المُرجح أن تتزوج الفتيات من رجال بالغين". (5) بالإضافة إلى ذلك، تواجه النساء والفتيات، وخاصةً في المراكز الجماعية للنازحين داخلياً أو المستوطنات العفوية، مخاطر كبيرة بسبب عدم وجود مراحيض منفصلة ذات أقفال وأضواء. ووفقاً لدراسة أجراها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أوتشا"OCHA"، فأن خدمات الصحة الإنجابية لا تتوفر إلا في 32% من أماكن النازحين داخلياً التي تم تقييمها. (6) إن النساء النازحات داخلياً هن "أكثر الفئات ضعفاً، حيث أن العديد منهن فقدن ممتلكاتهن وحصولهن على سُبل كسب الرزق نتيجة للصراع"، وفقاً لمناقشات المجموعات البؤرية التي أجرتها منظمة أوكسفام ومنظمة كير ومنظمة جين كاب. (7) في ديسمبر 2015 ذكرت منظمة أوكسفام في تقرير لها أن 1.3 مليون فتاة كانت خارج المدرسة، وذلك إما لأن المدارس غير صالحة لإعادة فتحها أو أنها قد دُمرت أثناء النزاع أو كانت تم استخدامها كمكان للنارحين الداخلين أو لأن الحالة الأمنية لم تسمح بذلك. (8)

وينص المحور الخاص بالحماية بالقرار 1325على حماية النازحات ومراعاة الاحتياجات الخاصة للنساء والفتيات عند تصميم المخيمات والمراكز الخاصة بهم. ومن واقع النزول الميداني لمخيمات النازحات اتضح بأن أولوياتهن تمحورت في كيفية الحصول على الغذاء والمأوى وسبل العيش، وبدأ واضحاً مدى الجهل لدى النازحات بالقضايا الحقوقية والقانونية وأهمية أدوار النساء في عملية بناء السلام، ولا تُعد هذه القضايا ذات أولوية بالنسبة لهن، الأمر الذي ينعكس على مدى مطالبة المرأة بحقوقها والمشاركة الفاعلة في مجتمعها. إن القضايا التي تواجهها النساء خلال النزوح يجب إدراجها في خطط السلام التي تُناقش أثناء مفاوضات السلام. وتشمل التوصيات المتعلقة بخطط السلام في المستقبل ما يلي:

توصية 1

وضع نظم للرصد والمراقبة تتتبع احتياجات سكان المخيم المتغيرة وتعزز المشاركة المجتمعية. كما يجب على وكالة إدارة المخيمات تعزيز الدعم المناسب والكافي من خلال تنفيذ المعايير وتشجيع نشر الحماية في جميع التدخلات القطاعية. إضافة إلى ذلك، تطور وكالة إدارة المخيمات منتديات الحوكمة والمشاركة التي تمكن النساء والفتيات النازحات والرجال والفتيان النازحين من الحصول على الخدمات والحماية.

توصية 2

التمكين الاقتصادي وتحسين سٌبل العيش.

توصية 3

تسوية النزاعات الناجمة عن احتياجات النازحين للخدمات الأساسية مع المجتمعات المضيفة.

توصية 4

إصدار الوثائق والعقود (شهادات الميلاد – البطائق الشخصية- عقود الزواج) لسكان المخيمات.   

المراجع


: (1) International Organization for Migration in Yemen (IOM) Rapid tracking of displacement movement 14 to 27 July 2019. Retrieved from: https://dtm.iom.int/reports/yemen-rapid-displacement-tracking-report-14-%E2%80%93-27july-2019  (2) Rohwerder, B. (2017). Conflict and gender dynamics in Yemen. K4D Helpdesk Report. Brighton, UK: Institute of Development Studies. Retrieved from: https://gsdrc.org/publications/conflict-and-gender-dynamics-in-yemen/ (3) UNHCR. (2020). Yemenis displaced by conflict now face threats of looming famine. Retrieved from: https://www.unhcr.org/ar/news/briefing/2020/12/5fd35db54.htm%20l (4) Rohwerder, B. (2017). Conflict and gender dynamics in Yemen. Retrieved from: https://reliefweb.int/sites/reliefweb.int/files/resources/068-Conflict%20and%20Gender%20dynamics%20in%20Yemen.pdf (5) UNHCR (n.d.). Emergency handbook. Retrieved from: https://emergency.unhcr.org/entry/44826/idp-definition (6) UNFPA. (2021). 2021 UNFPA Humanitarian Response in Yemen [EN/AR]. Retrieved from: https://reliefweb.int/report/yemen/2021-unfpa-humanitarian-response-yemen-enar  (7) Gressmann, W. (2016). From The Ground Up: Gender And Conflict Analysis In Yemen. Oxfam. Retrieved from: https://policy-practice.oxfam.org/resources/from-the-ground-up-gender-and-conflict-analysis-in-yemen-620112/ (8) Oxfam (2015): Yemen. Women are key to finding political solution at peace talks. Retrieved from: https://www.oxfam.org/en/press-releases/yemen-women-are-key-finding-political-solution-peace-talks






شارك هذا البوست
العنف ضد النساء: بين مطرقة الممارسات وسندان التشريعات القانونية
د. أنجيلا المعمري