اليمن بين تبجيل الأمومة والتمييز ضد الأمّهات
فاطمة باوزير

تعاني النساء في اليمن من التمييز في سوق العمل، حيث يتعرضن للإقصاء الاقتصادي بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية التي تقلل من قدراتهن وإمكانياتهن. يوجد أشكال مختلفة من التمييز ضد النساء في سوق العمل في اليمن، فمثلاً، تعاني المرأة اليمنية من تمييز مضاعف بعد الزواج.




يعتبر المجتمع اليمني الزواج والأمومة ليست مجرد أدوار اجتماعية، بل هما من الضروريات الأساسية والبديهيات. مثلا، يواجه رفض المرأة اليمنية للزواج في أحسن الأحوال بالاستغراب وعدم الفهم، وفي أسوئها بالتنمر والعنف. 

ورغم أن زواج النساء هو بالنسبة للمجتمع أداء لدور المرأة الأساسي والبديهي، إلا أنه في الوقت ذاته سبب التمييز ضدها. تشير تجارب بعض النساء إلى أن المرأة المتزوجة تواجه قيودًا في التوظيف لدى القطاع الخاص في اليمن، حيث يرفض أصحاب العمل توظيفها بحجة أنها قد تحمل وتلد وتحتاج إلى رعاية أطفالها.  
 
تقول (أ. ع.)، وهي موظفة حاليًا في إحدى الإدارات المحلية، إنها كانت تعمل متعاقدة مع إحدى المدارس الخاصة قبل الزواج، وعندما أخبرت الإدارة بخطوبتها، أخبروها أن هذا هو آخر عام لها للعمل معهم. وليست (أ. ع) الوحيدة التي تم إنهاء خدماتها بعد الزواج، فقد تعرضت العديد من زميلاتها في المدرسة، وفي بعض المدارس الأهلية الأخرى للأمر نفسه، حيث يتم التفكير في أن المرأة بعد الزواج تصبح أكثر انشغالًا بالأسرة والمنزل، وبالتالي تقل إنتاجيتها وعطاؤها في العمل. هذا الاعتقاد لا ينطبق على الرجل، حيث لا يُتوقع منهم قضاء وقت طويل وبذل جهد في الرعاية الأسرية والمنزلية. 

توازن أكبر في الوقت
والجهد المستثمر في
المنزل يساعد في مشاركة
مماثلة في مكان العمل. 


يؤدي هذا التفكير النمطي والمتحيز إلى عدم توافر فرص العمل المتساوية للنساء، مما يؤثر سلبًا على قدراتهن وإمكانياتهن، ويحد من إسهامهن في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لليمن. وهنا يبرز أهمية تغيير النمط الثقافي وتعديل الأفكار والتصورات المتحيزة في المجتمع، بدءًا من المنزل وصولاً إلى المؤسسات والحكومة، لتوفير فرص العمل المتساوية للجنسين وتحقيق التنمية الشاملة في اليمن. إذا تم إيجاد توازن أكبر في الوقت والجهد الذي يستثمره الرجال والنساء في المنزل، سيتم توقع مشاركة مماثلة من الرجال والنساء في مكان العمل أيضاً.

اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة 

حسب اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة التي صادقت عليها الأمم المتحدة في الثامن عشر من ديسمبر / كانون الأول عام 1979، والتي صدقت عليها اليمن عام 1984، فـ"توخيا لمنع التمييز ضد المرأة؛ بسبب الزواج أو الأمومة، ضمانا لحقها الفعلي في العمل تتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة:
 
(أ) لحظر الفصل من الخدمة بسبب الحمل أو إجازة الأمومة والتمييز في الفصل من العمل على أساس الحالة الزوجية، مع فرض جزاءات على المخالفين، 
(ب) لإدخال نظام إجازة الأمومة المدفوعة الأجر أو المشفوعة بمزايا اجتماعية مماثلة دون فقدان للعمل السابق أو للأقدمية أو للعلاوات الاجتماعية، 
(ج) لتشجيع توفير الخدمات الاجتماعية المساندة اللازمة لتمكين الوالدين من الجمع بين الالتزامات العائلية وبين مسؤوليات العمل والمشاركة في الحياة العامة، ولا سيما عن طريق تشجيع إنشاء وتنمية شبكة من مرافق رعاية الأطفال، 
(د) لتوفير حماية خاصة للمرأة أثناء فترة الحمل في الأعمال التي يثبت أنها مؤذية لها.

ة لها.


لا تعاني  المرأة المتزوجة من التمييز في القطاع الخاص فقط. برزت في الآونة الأخيرة، بعد احتدام الصراع الدائر في اليمن منذ عام 2015، تعاقدات حكومية تعاني فيها المرأة من التمييز في حال الحمل والولادة، أو حتى في حالة وفاة الزوج. فعادة ما لا تنص هذه العقود المبرمة على أية حقوق أو إجازات مدفوعة للمرأة العاملة الحامل، أو التي تلد، أو يتوفى زوجها أثناء العمل. 

ذكرت (ر. ب)، وهي مسؤولة في أحد مراكز صنع القرار بمحافظة حضرموت، أن النساء المتعاقدات يتعرضن للتمييز، حيث أجبرت إحدى الإدارات إحدى المتعاقدات على العودة للعمل بعد 18 يومًا فقط من وضع مولودها. تقضي المادة رقم (45) من قانون العمل اليمني رقم 5 لسنة 1995 بأنه لا يجوز بأي حال من الأحوال تشغيل المرأة العاملة أثناء إجازة الوضع.

يرفض القانون اليمني التمييز بين الجنسين في العمل، كما يوفر ساعات عمل أقل للعاملات الحوامل أو المرضعات. تقول المادة رقم (45) من القانون اليمني إنه يحق للعاملة الحامل الحصول على إجازة وضع بأجر كامل تستمر لمدة ستين يومًا، ويتم تقديم عشرين يومًا إضافية إذا كانت الولادة متعسرة، أو إذا ولدت توأمًا، وهذا يشير إلى أن الدولة تعمل على إتاحة الفرص العادلة للمرأة في سوق العمل.

            يحتاج القانون
            إلى تنفيذ أفضل. 


            نتيجة لاستمرار الصراع في اليمن، ازدادت مشاركة النساء في سوق العمل حيث انخرطن في مهن متنوعة، بما في ذلك الوظائف المجهدة جسديًا والمشاريع المنزلية. يعود ذلك إلى التحديات الاقتصادية الناجمة عن الحرب وفقدان معيل الأسرة. وفي ظل هذه الظروف، يصبح تطبيق القانون والقضاء على التمييز في مكان العمل أمرًا ضروريًا بشكل أكبر.  
             
            علاوة على ذلك، يمنع القانون اليمني التمييز بين الجنسين في مكان العمل، ويوفر ساعات عمل أقل للنساء الحوامل أو المرضعات.

            ومع ذلك، يحتاج هذا القانون إلى تنفيذ أفضل وتوفير إجازات مدفوعة ومزايا للنساء خلال فترة الحمل، وبعد الولادة لضمان عدم تعرضهن للتمييز ولتمكينهن من توازن مسؤولياتهن في العمل والرعاية.


            الصورة: © منصة أصوات نساء يمنيات - بواسطة ميدجورني Midjourney 

            شارك هذا البوست
            إلهام وشجاعة: قصص نساء من اليمن
            منصة أصوات نساء يمنيّات