في 11 نوفمبر، 2023، نظمت منصة أصوات نساء يمنيات ورشة حوار عن تمكين النساء المهمشات العاملات في قطاع النظافة في اليمن، الورشة عقدت بشكل مباشر في مدينة تعز، جنوبي غرب اليمن، وحضرها 20 شخصًا من ممثلي وممثلات المكاتب الحكومية ومنظمات المجتمع المدني، وناشطين وناشطات من فئة المهمشين، وعاملات في مجال النظافة والتحسين، وبواقع 70% من النساء، و30% من الرجال، إضافة إلى ثلاثة خبراء، امرأتين ورجل من فئة المهمشين.
خرجت الورشة بعدد من التوصيات التي قدمها الخبراء بعد استعراض أبرز المشاكل والقضايا التي يتعرض لها النساء العاملات في مجال النظافة، كان هذا النشاط من تيسير الصحفية رانيا عبدالله.
مجريات الفعالية
تعاني النساء المهمشات، وعلى وجه الخصوص العاملة في قطاع النظافة، من انتهاكات شتى ويواجهن انتهاكات مركبة على مستوى الحقوق والحريات وهذا ما يجعلهن أكثر ضعفًا.
بهذا افتتحت، مسك المقرمي، رئيسة مؤسسة كفاية التنموية والناشطة في مجال حقوق المهمشين، ،و رشة الحوار والتي تحدثت فيها عن وضع النساء المهمشات قبل الحرب وبعدها وتحديدًا النساء العاملات في مجال النظافة، حيث زادت الانتهاكات التي لحقت بالنساء المهمشات أثناء و بعد الحرب دون أن ينصفهن احد، فعندما تتعرض النساء المهمشات للانتهاكات فإن الجهات المسؤولة لا تساويها بغيرها من النساء ولا تعطيها حقوقها أو يتم إنصافها وفق القانون، ذاكرة على سبيل المثال واقعة اغتصاب فتاتين من المهمشين، ليحكم القاضي بحبس الجاني لمدة ستة أشهر فقط.
وتستند في ذلك على ما اعتبرته التعنت المجتمعي القائم على العادات والتقاليد التي تتعامل مع المرأة المهمشة بدونية وتمييز وهو ما ينعكس على العاملات في مجال النظافة، اللواتي حصرن بهذا العمل كتمييز سلبي لهن ولطاقاتهن، واعتبرته استغلالاً ممنهجاً، فلا حقوق تعطى ولا مقابل يكافئ الجهد المبذول.
مسك المقرمي: "لا تتلقى المرأة المهمشة الرعاية الطبية المجانية، أو التأمين صحي فقد انتشرت العديد من الأمراض بين النساء المهمشات العاملات في مجال النظافة وأبنائهن كأمراض الكبد، والبلهارسيا، وعند انتشار جائحة كورونا، أصيبت العديد من النساء المهمشات ونقلن العدوى إلى أبنائهن بسبب المخلفات التي تتعاملن معها بدون أدوات السلامة."
واقترحت المقرمي عددًا من التوصيات التي يمكنها المساهمة في الحل، كتعزيز ثقافة الدمج والتعايش الاجتماعي بين كافة الفئات، والتطبيق العادل لقانون العمل، واعتماد عقود العاملات في مجال النظافة بشكل رسمي، وزيادة ما تتقاضاه العاملة في قطاع النظافة كونها تقوم بعمل شاق، إضافة إلى العمل على برامج مختلفة من قبل الجهات الحكومية والمنظمات المحلية والدولية لتنمية النساء المهمشات، والقضاء على الأمية بين أوساط النساء المهمشات.
بينما تركز حديث عبده سعيد رئيس مؤسسة المستقبل التنموية والموظف في صندوق النظافة والتحسين حول مشاكل النساء العاملات في مجال النظافة والتحسين، وفي سرديته ذكر عددًا من المشاكل التي عزاها للجانب القانوني والإداري.
عبده سعيد: " لا تمنح النساء العاملات في مجال النظافة إجازات وضع ورضع المولود، ولا حتى إجازات مرضية، وأنكى من ذلك أننا وثقنا في تعز نساء عاملات في مجال النظافة عملن حتى آخر أيام حملهن، وهناك حالة جاءها المخاض وهي تؤدي عملها في أحد الشوارع".
أوعزت غدير العدني ، الصحفية المهتمة بشؤون المهمشين، ما يحدث للمرأة المهمشة إلى التاريخ الاجتماعي والثقافي في اليمن المثقل بإرث كبير من المعوقات والصعوبات والنظرات والثقافات وحتى العادات والتقاليد الاجتماعية التي كانت ومازالت حتى اليوم تحصر فئة المهمشين عن حياة المجتمع اليمني،
"الأمر الذي يجعل الأجيال المتعاقبة من هذه الفئة ذوي البشرة السوداء تعيش وسط حالة مزمنة من الاغتراب الاجتماعي والثقافي داخل وطنهم، وهذا أصل ومفتتح كل القضايا"
وترى العدني أن هناك حياة مختلفة كليًا عن بقية الفئات المجتمعية تعيشها فئة المهمشين وبالتالي ينعكس ذلك على النساء اللواتي يدفعن الفاتورة كعدم وجود أعمال متعددة، وانعدام السكن الملائم الذي يتوفر فيه الخدمات الصحية والعامة مما يجعلهن غير قادرات على الظهور بمظهر لائق أو مواكبة المجتمع.
وتقترح العمل على تعزيز ثقافة الدمج الاجتماعي والثقافي بين المهمشين وشرائح المجتمع الأخرى، وتفعيل القوانين والقرارات الدولية ومنها قانون اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة(سيداو)، ووضع برامج محددة لتمكين المرأة المهمشة في عدد من المؤسسات الحكومية وعدم حصرها بمجال النظافة والتحسين، كذلك إشراك المرأة المهمشة بمجالات أخرى بما في ذلك صناعة السلام ومواجهة العنف.
بعد مداخلات الخبراء، تم فتح باب النقاش وطرح الملاحظات من قبل المشاركات والمشاركين، وتنوعت مشاركاتهم التي أثرت النقاش أكثر، وكان هناك إجماع بأن هذه الورشة نوعية وهي الأولى من نوعها خُصصت لمناقشة مشاكل النساء العاملات في مجال النظافة، كما أن النساء المهمشات شعرن بأريحية أنهن قدمن الورشة وشاركن فيها.
تحدث هزاع قائد عن عدم وجود عقود رسمية للعاملات في مجال النظافة، مشيرًا أنهن يستلمن رواتبهن من باب المساعدات والدعم وليس من باب الأجور، وهذا ما يجعلهن على حافة الخطر،
في الوظيفة العامة المرأة المهمشة ليس لها العمل إلا في قطاع النظافة للأسف، ولا تتجاوز إجازة المرأة أكثر من 15 يوما بعد الولادة وإذا طالت مدة إجازتها يقوم المشرفون بالميدان بفصلها واستبدال واحدة بدلاً عنها.
على ذلك شددت رئيسة اللجنة الوطنية للمرأة في تعز صباح الشرعبي وحملت صندوق النظافة والتحسين المسؤولية تجاه ذلك إضافة إلى المؤسسات والناشطين المهتمين بدعم حقوق المهمشين.
في القسم الثاني من الورشة، تم تقسيم المشاركات والمشاركين إلى ثلاث مجموعات عمل، يترأس كل مجموعة خبير/ة من المتحدثات والمتحدثين، وتم تحديد مشكلات المرأة المهمشة العاملة في قطاع النظافة، والخروج بتوصيات وحلول، وتم مناقشة المقترحات والتوصيات بين المجموعات والخبراء، ثم قامت كل مجموعة باستعراض عملها ومناقشته مع بقية المجموعات.
وخرجت الورشة بمجموعة من التوصيات التي كانت محل توافق مجموعات العمل على أهمية التوعية القانونية ومحاربة الأمية وزيادة الوعي الإداري للعاملات في مجال النظافة كأسس يمكن وفقها أن يكون هناك تمكين ملموس للمرأة العاملة في مجال النظافة، مقترحين وجود برامج متخصصة من قبل المؤسسات الحكومية المعنية والمنظمات المحلية والدولية، وضرورة توجيه التدخلات بما يضمن تحسين وضعيتهن الحقوقية والمالية على المدى القريب والبعيد.
أشارت ريم سعيد، إحدى عاملات النظافة اللواتي حضرن الورشة إلى الصعوبات التي تواجهها المرأة المهمشة العاملة في مجال النظافة، من ضمنها التعامل بدونية واحتقار من الناس "الذين يعتقدون أننا مجبرون لتنظيف أوساخهم"
"إن الأمية منتشرة في أوساطنا نحن المهمشين وخصوصاً النساء، كما أن أطفالنا هم أيضاً محرومون من التعليم للأسباب ذاتها".
لم تشارك ريم سعيد أحمد وزميلتها ياسمين هزاع، وهن عاملات نظافة، في أي ورش تخص النساء المهمشات، ولم يتم دعوتهن سابقًا لحضور أي ورشة أو ندوات من أي نوع، وكان هذا أول حضور لهن.