على مدى عقود، كانت فرص المرأة اليمنية في الحصول على عمل أو العمل في موقع تنافسي ضعيفة مقارنة بفرص الرجل. اعتاد المجتمع اليمني على توظيف الرجال في وظائف ومناصب مختلفة، حيث كانوا يعتقدون أن الرجال أكثر قدرة من النساء على العمل في القطاعات العامة أو حتى الخاصة. كانت الأولوية دائمًا لتوظيف الرجال لأن المجتمع حصر دور المرأة في الأدوار الإنجابية وكرس الدور الإنتاجي للرجل. قلل هذا الاعتقاد المجتمعي من فرصة مشاركة المرأة والتسجيل في نظام التعليم لعقود وتركها غير ماهرة نتيجة لذلك. ومع ذلك، فقد مرت اليمن بعدة أحداث أعادت هيكلة عقلية المجتمع اليمني مما أدى إلى تغيير في إيمانهم بقدرة المرأة على أن تكون عضوًا فاعلًا في القطاعين العام والخاص.
على الرغم من أن المرأة اليمنية يمكن أن تكون حاضرة في القطاعين العام والخاص، إلا أن هذا الوجود اقتصر على المستويات الادارية الأدنى. أضف الى ذلك، كانت المهن التقنية مقصورة على الرجال فقط، وكان من النادر العثور على نساء يعملن في وظائف تقنية عالية كمهن فنية تتطلب مهارات تقنية تمتلكها النساء. تركز عمل المرأة في الغالب على المهام الإدارية وفقًاً لتقرير الفجوة بين الجنسين العالمي (2020)، كانت المشاركة والفرص الاقتصادية للمرأة ثاني أكبر فجوة رئيسية من أصل أربع فجوات مذكورة في التقرير. وأظهر التقرير تدهور الفجوة بين الجنسين في اليمن حيث احتلت اليمن المرتبة 115 عام 2006 بينما احتلت المرتبة 155 عام 2021 نتيجة انهيار النظامين السياسي والاقتصادي بسبب الحرب الحالية. ويشير التقرير إلى أن نسبة مشاركة الرجال في القوى العاملة لعام 2020 بلغت 72.2٪ مقابل 6.3٪ للنساء. علاوة على ذلك، هناك فجوة كبيرة بين النساء والرجال الذين يعملون في وظائف فنية مثل العمل المهني أو حتى بعض المناصب الإدارية مثل اختصاص الرصد والتقييم، حيث تمثل النساء 17٪ مقابل 83٪ من الرجال. ومع ذلك، فإن المهارات الفنية تمثل مستقبل التوظيف، حيث يشير تقرير الوظائف المستقبلية (2020) الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، إلى أن هناك مهارات محددة مطلوبة للمستقبل مثل 1) التفكير النقدي والتحليل، 2) حل المشكلات، 3) الإدارة الذاتية، 4) التعلم النشط، 5) المرونة، 6) تحمل الإجهاد والمرونة. إن إقصاء المرأة اليمنية من المناصب القيادية أو الفنية، فضلاً عن عدم إيلاء اهتمام كبير لتسجيل النساء والفتيات في الدورات الفنية في المدرسة، يضعف النساء ويقلل من ثقتهن بقدراتهن. كما أن المرأة اليمنية، بسبب تمييز المجتمع، أصبحت فاقدة للثقة على المنافسة أو التقدم في أعمال أكثر جوهرية تتطلب مهارات فنية وقيادية عالية.
لقد تسببت الحرب في اليمن في بعض التغييرات في بيئة عمل المرأة. فمع انخراط الرجال اليمنيين في المعارك وخيبة الأمل التي لحقت بالبعض منهم جراء فقدانهم لوظائفهم، أدى ذلك الى تصدي المرأة اليمنية للمعوقات التي تواجهها والتغلب على القيود الاجتماعية والثقافية والعمل في الوظائف التي عادة ما يشغلها الرجال. وقد زادت فرص المرأة اليمنية في العمل وتوليد الدخل خاصة مع قطاع المجتمع المدني حيث أصبح العمل في قطاع المنظمات غير الحكومية والمنظمات مفضلاً من قبل النساء وشائعًا في اليمن. وتحاول المنظمات الدولية / المنظمات غير الحكومية العمل وفقًا لأهداف التنمية المستدامة التي اعتمدها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والتي فتحت الباب أمام النساء للعمل. وهناك الكثير من الفرص للمرأة اليمنية للعمل في قطاع المنظمات غير الحكومية الدولية أكثر من الرجل حيث أن الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة يدعوا الى تحقيق المساواة بين الجنسين في التمكين وإعطاء المزيد من الفرص للمرأة يساعد على تحقيق التوازن بين الجنسين في سوق العمل. في الوقت الحاضر، تعمل النساء في مهن أكثر تقنية خاصة في قطاع المنظمات غير الحكومية، ولكن ليس في القطاعين العام أو الخاص. ولا يزال المجتمع اليمني لا يعطي الأولوية لعمل المرأة، خاصة بالنسبة للمناصب الفنية في القطاعين العام والخاص، ولهذا السبب تفضل النساء أكثر العمل مع المنظمات الدولية / المنظمات غير الحكومية.
على الرغم من أن بعض الأمثلة تثبت أن المرأة يمكنها العمل والمشاركة في أي نوع من أنواع العمل، إلا أن معظم النساء اليمنيات ما زلن يعانين من الإقصاء الاجتماعي للمرأة اليمنية من المشاركة بشكل أكبر في الأدوار القيادية والفنية في القطاعين العام والخاص. على سبيل المثال، في مناقشة جماعية مركزة حول المشاركة العامة للمرأة مع النساء العاملات في القطاع العام، ذكرت إحدى المشاركات أنها تستحق ترقية في سلم حياتها المهنية التي تزيد أيضًا من الراتب، ومع ذلك طلب منها مديرها أن تختار أحد الامرين اما رفع درجة وظيفتها أو زيادة راتبها لأن وجود كلا الخيارين لن يتم قبوله من قبل زملائها الذكور وهذا من شأنه أن يسبب توتراً في القسم على الرغم ان القوانين اليمنية لا تفرق بين الرجال والنساء فيما يتعلق بالعمل.
و لا يزال وجود المرأة اليمنية في المجال التقني والاقتصادي ضعيفاً، حيث يشير تقرير الفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن 6.6٪ من الشركات مملوكة لنساء، في حين أن 93.4٪ مملوكة لرجال. كذلك، تبلغ نسبة الشركات التي تضم كبار المديرين 1.6٪ للنساء مقابل 98.4٪ للرجال. السبب الرئيسي هو أن المرأة تفتقر إلى المهارات الفنية أو المهارات القيادية وهذا النقص ليس بسبب طبيعتها كما يقول بعض الرجال، ولك هو نتيجة الإقصاء الذي عانت منه المرأة في المجتمع اليمني لعقود. على الرغم من أن المرأة اليمنية أكثر نشاطًا في القطاع غير الرسمي، حيث يشير تقرير الفجوة بين الجنسين (2021) إلى وجود أكثر للنساء مقابل الرجال حيث تبلغ حصة المرأة 82.2٪ بينما حصة الرجال 77.1٪ من القوى العاملة، لم يكن لدى المرأة اليمنية فرصة للعمل وتبادل القدرات على قدم المساواة مع الرجل.
وتجدر الإشارة الى أن معظم الدعم المقدم للمرأة اليمنية لا يركز على تعزيز قدراتها الفنية أو الشخصية، ولك يركز بشكل أكبر على تقديم خدمات الإغاثة وبناء قدراتهن السياسية في وقت لا يوجد فيه مكان للسياسة في زمن الحرب. هناك حاجة للعمل على زيادة القدرات الفنية للمرأة حتى تتمكن من التنافس في سوق العمل جنبًا إلى جنب مع الرجل. وقد يكون من المناسب ان تقوم النساء اليمنيات بتوحيد جهودهن من خلال إنشاء نقابات أو جمعيات تهدف إلى زيادة وبناء قدرات المرأة في المراكز القيادية. كذلك، يحتاج المجتمع الدولي، الذي يقدم الدعم لليمن، إلى إعادة تخصيص أمواله وتعديل خططه بطريقة تمكن المرأة من تولي المناصب القيادية حيث توجد فرصة للقيام بذلك. في النهاية، فإن دعم المرأة مسؤولية مشتركة لجميع أفراد المجتمع، ومع ذلك فإن النساء هن الأكثر حاجة لقيادة هذه الحركة لإحداث تغييرات في وضعهن، حيث لا ينبغي أن يتوقعن من المجتمع أن يعطي ما يعتقد أنه ليست أولوية بالنسبة للمرأة.
References:
World Economic Forum. (2020). The Future of Jobs Report. Retrieved from: The Future of Jobs Report 2020 | World Economic Forum (weforum.org)
World Economic Forum. (2020). Global Gender Gap Report. Retrieved from: Global Gender Gap Report 2020 | World Economic Forum (weforum.org)